انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  أنظروا هؤلاء الذين يشتمون عرض النبي صلى الله عليه وسلم ، في شمال شرق إيران يزورون مقابر عليها الشواهد : أعضاء تناسلية وعلى بعض الأضرحة صورة الخميني !!  |  فيلم غربي يفضح عنصرية الصهاينة  |  المرجع (الحسني الصرخي) واقتتال أتباع المرجعيات الشيعية في جنوب العراق - ظاهرة جديرة بالاهتمام والتحليل..!   |  بربكم ماذا أقول للإمام الخميني يوم القيامة؟ هذا ما قاله عدنان الأسدي وكيل وزارة الداخلية لضباط شرطة شيعة خدموا وطنهم بإخلاص....!!!  |  (حسن نصر اللاة) يقول: مايحدث في حمص المنكوبة هو مجرد فبركات إعلامية..! - تفضل شوف الفلم يا أعمى البصر والبصيرة.. تحذير: مشاهد مؤلمة  |  شهادة شاهد عيان شارك في مذبحة حماة  |  
 الصفحة الرئيسية
 قـسـم الـمـقـــالات
 خـزانــة الـفـتاوى
 الــركـن الأدبــــي
 مكتبة الصـوتيـات
 مكتبة المـرئـيـات
 كـُتـاب الـمـوقــع
 مشاركات الـزوار
 مكتبـة الأخـبـــار
 مكتبـة المـوقـــع
 تحـت الـمـجـهــر
 خدمات عامة
 راســلــنــــــا
 محرك البحث
 مميز: لقد قامت إدارة تويتر (X) بإيقاف حساب الشيخ في تويتر hamed_alali وهذا عنوان حسابه الجديد hamedalalinew

    فضيلة الشيخ يدور كلام كثير حول حكم التدرج في تطبيق الشريعة ، فما هو الجواب في هذه المسألة ؟!

حفظ في المفضلة
أرسل الموضوع
طباعة الموضوع


السائل: زائر
التاريخ: 18/08/2009
عدد القراء: 13782
السؤال: فضيلة الشيخ يدور كلام كثير حول حكم التدرج في تطبيق الشريعة ، فما هو الجواب في هذه المسألة ؟!


جواب الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
 
قبل أن نبيـّن هذه المسألة الجليلة ، ينبغي أن ننبّه إلى أنَّ من أعظم أسباب انتشار الخلاف ، وإعقابه الفتن ، هو خوض من هبّ ودبّ في مثل هذه المسائـل  ، حتـَّى تقطعـوا رأيهم بينهـم زُبـُراً ، كلُّ حزب بما لديهم فرحون ، ولو أخذوا بمفهومي الإجتهاد ، والتقليد ، الذين وضعهما علماؤنا لضبط الفتوى ، فلا يخوض في هذه المسائل إلاَّ من شُهـد له بالعلم ، واشتهر بذلك ، وعـُرف شيوخـُه فيه ، ثـمَّ المقلـد يصمـت ، لقضي على أكثـر هذه الفتن .
 
وفي صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنه : أنَّ عمر غضب لما سمع كلاما من عامة الناس في موسم الحج عن شأن البيعة ، ‏فقال : (  إني إن شاء الله لقائم العشيَّة في الناس ،  فمحذرهم ، هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم ، قال ‏ ‏عبد الرحمن بن عرف رضي الله عنه  : ‏ ‏فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل فإنّ الموسم يجمع ‏رعاع ‏الناس ‏ ‏وغوغاءهم ‏ ، ‏فإنهم هم الذين يغلبون على قربك ، حين تقوم في الناس ، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كلَّ ‏ ‏مطير ‏،  ‏وأن لا يعوها ، وأن لايضعوها على مواضعها ، فأمهل حتى تقدم ‏ ‏المدينة ‏ ، ‏فإنها دار الهجرة ، والسنة ، فتخلص بأهل الفقه ، وأشراف الناس ، فتقول ما قلت متمكنا ،  فيعي أهل العلم مقالتك ،  ويضعونها على مواضعها ، فقال ‏ ‏عمر : ‏ ‏أمَّا والله ،  إن شاء الله ،  لأقومن بذلك أوَّل مقام أقومه ‏‏بالمدينة).
 
قال ابن حجر رحمه الله : ( وفيه التنبيه على أنّ العلم لا يودع عند غير أهله , ولا يحدث به إلاّ من يعقله , ولايحدث القليل الفهم بما لا يحتمله ) .
 
والمصيبة اليوم أنَّ الذي يضع مقالات العلماء في غير مواضعها ، ويطير بها كــلّ مطير ، ليس الغوغاء ، ورعاع الناس فحسب ، بل أسفل منهم ، وهـم الحثالة ، ذوو الجهالة ، والأسمـاء المختصرة ، والألقـاب التي بغير شيء مفتخرة ، وهم في علوم الشرع ، أحـطّ منزلة من مجهول العين ـ فضلا عن مجهول الحال ـ  أي : المبهمون ، وإذا كان من شؤم مجهول الحال أنه يسقط به إسنادٌ مسلسلٌ بالأئمة الثقات إن جرى ذكره فـيه ، فكيف بالمبهـم الذي لايُعـرف أنفـُـه من فيه ؟!!
 
فهذه والله فتنة لكلِّ مفتون ، وبدعةٌ عابثة عصرية من سخافات العقول ، أبتُلـي بهـم من ابتُلي من ضعاف التفكيـر ، حتـّى أخاضوه في التضليل والتكفيـر .
 
كما ننبـّه أنّ من خطورة هذه المسألة أنّ بعض الحكـّام يستغلّهـا للالتفاف على الشريعة .
 
ولهذا فيجب التفريق بين من ظاهـر حاله السعي للتغيـّير ، وهو مع ذلك يقيم الإسلام على نفسه ، ومن تحت يده ، ويعلم من حاله ذلك ، ظاهراً ، وباطنـاً ، فهو من أهل التديّن في الظاهـر ، فيبدو عليه الصدق فيما ينويه من التغيير إلى الشريعة .
 
وبين من هو مخالف للشرع ، بعيدٌ عنه ، في أحواله الخاصة ، والعامة، فهو يتلاعب بهذه المسألة تلاعب المنافقين بآيات ربّ العالمين ، فهذا لايجوز أن يُجـارى في عبثه بالإسلام ، ومن فعل ذلك فهو شريكه في الآثام .  
 
وعلى أية حال فهذه المسألة التي سأل عنها السائل ، وهي التدرج في تطبيق الشريعة ، قـد تندرج تحت واحـدة من هذه القواعد الكبار :
 
أحدهما : سقوط التكليف بالعجـز.
والثانية : ( فأتوا منه ما استطعتم ).
والثالثة : ارتكاب أخف الضررين.
والرابعة : تقديم الأرجح عند التعارض بين المصالح والمفاسـد.
 
وإذا علم أنَّ تطبيق الشريعة في نظام الدولة ـ وليس على نفس الإنسان ومن تحت يده فحسب ـ  قـد يعنـي ـ في بعض البلاد ـ تغيير واقع كبيـر مخالف للشريعة ، كثيـر التفاصيل ، في حياة معقَّدة ، تطرأ فيها آلاف المسائل الجديدة ، التي تحتاج إلى علماء ، وقضاة ، على دراية بما يقضـون فيه  ، فلا يقول أنـَّه يمكن فعل ذلك بغيـر تدريج مطلـقاً إلاَّ جاهـل لـم يتصوَّر المشروع أصـلا ، وهـو لا يعرف ماذا يعني هذا العنـوان الكبيـر ، وإنما أخذ عنوانـاً وطار فيه مطار الغوغـاء ، والدهماء !
 
فإذا انضـمِّ إلى أنَّ المشروع في مثل هذه البيئـة ، كونها بيئــةً ذات تحفــُّز دائم لحـرب عدوّ متربّص ، وحصار خانـق منغِّـص ، مع قلـّة الإمكانات ، وضعف القدرات ، فإنَّ من يظن تحريـم التدرّج مطلقـا ، فهو من أجهـل الناس ، ولا يقول هذا ـ أصـلاً ـ إلاَّ من لم يمارس الفتوى ، ولا القضاء ، ولا يعرف أعباءهما في الناس ، وإنما قصـر نظره على مسائل محددة ، وتعصّـب عليها .
 
وإذا كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( لاسيما في هذه الأزمنة المتأخرة التي غلب فيها خلط الأعمال الصالحة بالسيئة في جميع الأصناف ، لنرجّح عند التزاحم ،  والتمانع خير الخيرين ، وندفع عند الاجتماع شـر الشرِّين ، ونقدم عند التلازم ـ تلازم الحسنات والسيئات ما ترجح منها ـ فإنّ غالب رؤوس المتأخرين ، وغالب الأمة من الملوك ، والأمراء ، والمتكلمين ، والعلماء ، والعباد ، وأهل الأموال يقع ـ غالبا ـ فيهم ذلك ) الاستقامة (2/168)
 
إذا كان هذا في ذلك الزمان فكيف بنا نحن اليـوم ؟! وقد انتشر الفساد ، وعم البلاد ، وصارت القوانين الوضعية ، ربما تسري على كلِّ شيء صغيـرٍ وكبيـرٍ ، في حياة الناس.
 
وكيف ليت شعري يُقـال يحــرم التدرّج مطلقــا ، وأنـّه لايحـل لمن أوتي مقاليد السلطة إلاّ يجعـل الناس يستيقظون بين عشية ، وضحاها ،  ليجدوا حياتهم كلّهــا صارت إلى الشريعة محتكمة ، وبالهدى في جميع مناحي الحيـاة ملتزمـة ؟!!
 
ولهذا فلابد أن يتناقض قائل هذا القول العجيـب في حالـه ، وهو لايشعـر ، ومن الطريف أنّ شخصاً جادلني مرة في هذه المسألة ، فقلت له متى جئت من السفـر ؟ قال البارحة ، قلت بجواز دولتك ، قال نعم ، قلت بأية قوانين دوليـّة سمحوا لك بالدخول ؟ ولماذا أبرزت الجواز وعليه شعار الدولة الحاكمة بغير الشريعة  ، طالبا  ـ ضمنيـّا ـ العمل بتلك القوانين التي تقنن التنقل بين الدول ، للسماح لك بعبور الحدود ، فبهـت ! وقلت له : أنت تسمع من مجاهيل يكتبون في ( إنترنت ) ، وقّعـوا عقـداً ليسمح لهم بهذه الكتابة في موقـع ، يخضع لقوانيـن وضعية ، مع شركات تخضع لقوانين دول كافرة ، وقد يكونون ـ مع ذلك ـ مقيمين فيها بعد توقيعهم على لجوء سياسي تحتكم قوانينه لتلك الدول ، بما فيها من إقرار بجريانها على أنفسهم ، وأهليهم ، وكلُّ ذلك يعذرون أنفسهم فيه ، ويتأوّلـون ، ثم لايريدون أن يعذروا إخوانهـم في أيِّ تأويل تأوّلــوه ، أليس هذا من التشاحّ النفسي الذين يحصل بين الجماعات بسبب نجاح بعضها على حساب الآخر ليس إلاّ ؟!
 
وقلت له من يـظنُّ أنه لو قام حاكم يريد العمل بالشريعة ، في ظـلّ بلاء الناس بكلِّ هذه القوانين الوضعيّة ، والواقع المخالف للشـرع ، لايحتاج إلى التدرج حتى يغيـِّر هذا كلَّه ، ولو كان هذا التدرج في الإعلان أيضـا ، حتى إنـّه قـد يضطرّ إلى القول بخلاف ما يضمره لمن يخشى غائلته ، القول بخلاف ذلك من أجـل نجاح التغيير إلى الشرع ، حتـّى يمُضـي من شريعة الله ،  ما يمكنه من غيـر أن يفسد عليه ما أراد ، وله أن يفعل ذلك ، وليس هذا من التنازل المذموم .
 
وليس هذا بأشدّ مما ذكـره ابن حجر في الإصابة في ترجمة الصحابي الجليل عبدالله بن حذافة السهمي لما أسرته الروم : ( فقال ـ أي زعيم الروم ـ قبل رأسي وأنا أخلـّي عنك ، فقال : وعن جميع أسارى المسلمين ، قال نعم ،  فقبل رأسه ، فخلّى بينهم ، فقدم بهم على عمر ، فقام عمر فقبل رأسه ، وأخرج بن عساكر لهذه القصة شاهداً من حديث بن عباس موصولاً ،  وآخر من فوائد هشام بن عثمان من مرسل الزهري‏ ) ‏.
 
فهذا الصحابي الجليل ـ إنْ صحت الرواية ـ تأوَّل في تقبيل رأس الطاغوت الأكبر في ذلك الزمـان  ، مما ظاهره ـ والصحابة من ذلك براء ـ توقير الطاغوت ، وتعظيمـه ، لما رأى من أنه يجوز تحمّل هذه المفسدة ، في سبيل تحصيل مصلحة راجحة عظيمة.
 
من يظـنُّ ذلك ، فسبب أنه لم يعان هذا الأعباء العظيمة ، أعني أعباء أمة بعيدة عن دينها ، وشريعة ربها ،  ولا يتصور تفاصيلها ، وإنما يجلس مع أمثاله يلقون بالأحكام بغير علم.
 
وقلت له لقد كان لطالبان سفيـرٌ في باكستان ، والسفير لايقبل رسميا إلاّ وفق قوانين الدولة ، بل كان لها سفير في بعض دول الخليج أيضا ، وكانت تتدرج في تغيير بعض ما يخالف الشـرع ، وتتلطـّف فيها ، حتى تنجح في تغييره ،  حــذراً من أن تحصـل مفسدة راجحة ،
 
فالواجب أن نعذر الذين نعرف عنهـم ،  أنهم يحملون مشروعا إسلاميا ، ويتضح ذلك على أحوالهم ، ويبدو جليـَّا من فكرهم ، ومحاضنهم التي يربـُّون فيها أنصارهم ، يجب أن نعذرهـم إن تأوّلوا في التدرج في تحويل المشروع الإسلامي إلى واقع حياتي ، لاسيما مع كثرة أعباءهم ، ومع كثرة الشرور في الناس ، فكيف إذا انضمّ إلى ذلك كونهم محاربين ، ومحاصرين؟!
 
ومن يسـوّي بين هؤلاء الإسلاميين ، وبين العلمانيّين الذين يتبنـُّون الفكر العلماني في أحزابهم ، ويربّون عليه كوادرهم ، ويقيمون عليهم مشروعهم سـرَّا وعلانية ، من يسوّي بينهم  ، فهـو متنكّب الهدى ، حاكم بالجور ، مثيـرٌ للفتن في بلاد الإسلام .
 
وقلت : لم يكن العلماء قـطّ يسوّون بين حملة الفكر الإسلامي الذين يتأولون في المشاركات السياسية ، السعـي للتغير عبرهـا ، وبين الأحزاب العلمانية ، فيكفـِّرون الجميع ، ويستحلـُّون دماءهم ، ويدعون إلى قتالهم !!
 
فهذا الفكر الغالي ، والشاذ جديد على الساحة الإسلامية ، لاندري مـَن رؤوسه ، ولايعرفون بعلم ، ولا سابقة فيه ، ولهذا لايهتدون لتناقضاتهم فيما يدّعون ، فإذا قيل لبعضهم تكفرون هذه الجماعة الإسلامية لأنها تأولت في التدرّج في الشريعة ، أو في المشاركة السياسية ، قالوا لانكفـرّهم ، ثم يعاملونهم معاملة الكفـّار ، ويسمونهـم طواغيت !
 
ثـمَّ يلقـون بكلامهم هذا إلى الصغار ، والجهـّال ، المتعطشين للجهاد ، ويصورن لهم إخوانهم في الحركات الأخرى كأنهم شياطين في جثمان إنس ، ويدخل بينهم شياطين حقيقية تؤجج هذه النار ، حتى تُذبـح الحركات الإسلامية ـ وبعضها جهادية كما في العراق ـ بسيوف ظاهرها إسلامية ، وحقيقتها جهل بالإسلام ، وظلم للأنام ، تحركها من حيث لاتشعر دوائر الإجرام.
 
والله المستعان ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ،  ونسأل الله أن يكفَّ عاديتهم على الأمـة بلطفه .
 
ولنعد الآن إلى إيضاح مسألة التدرج في تطبيق الشريعـة :
 
أما اندراج التدرج في الشريعة فيما ذكرت من قواعد الفقه ، فكما يلي :
 
أما سقوط التكليف بالعجز ، فهذا واضح ، فقد يعجز الحاكـم أن يغيـّر بعض الجوانب ، لعدم وجود آلات التغييـر ، فيسقط عنه ، وإذا كان محاصراً ـ مثلا ـ ولا يمكن جلب القضاة الشرعيين بما يكفـي ، فإنه يتدرَّج  ، فيبدأ بما يقدر عليه ، ويؤجِّـل ما يعجـز عنه إلى القـدرة ، وأما فعل ما يقدر عليه العبد من الوجوب ، فكذلك قد يفعل بعض الواجب ، ويتدرج حتى يُكمـل ما وجـب عليه فعله إذا قـدر ، فهذا ما كُلـف به شرعا أصـلا ، وهذا كلـُّه لا إشكال فيه ، ولا يخلو عبـد من الحاجة إليه أصلا ، وهو من تيسير الشريعة السمحة التي جاءت بـ ( ما جعل عليكم في الدين من حرج ) .
 
وأما إرتكاب أخـفّ الضررين ، فقـد تقـرّر فـي الشريعة ، أنـَّه يجــوز فعل الضرر الأقـل ، إذا كان الأكبـر لايندفـع إلاَّ بذلك ، فلو كان الحاكم يعلم أنَّه لـو منـع التدرج ، لأدَّى ذلك إلى مفسدة أعظم ، هي سقوط المشروع برمِّتـه ، وفشـله ، فله أن يتـدرَّج دفعا لأعظم الضررين .
ويُستدل على قاعدة إرتكاب أخف الضررين ، بما في صحيح البخاري : ( جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد ، فزجره الناس فنهاهم النبي ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فلمـَّا قضى بوله ، ‏ ‏أمر النبيّ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بذنوبمن ماء ‏ ‏فأهريق عليه) .
 
قال ابن حجر رحمه الله : (بل أمرهم بالكف عنه للمصلحة الراجحة ، وهو دفع أعظم المفسدتين باحتمال أيسرهما . وتحصيل أعظم المصلحتين بترك أيسرهما).
 
فهذا النبيُّ صلى الله عليه وسلم أجّـل تغيير منكر هو من أعظم المنكر ، وهو البول في مسجده الشريف عليه الصلاة والسلام ، وفي حضرته عليه الصلاة والسلام ، لما في عدم التأجيل من مفسدة أعظـم.
 
وقال في مراقي السعود :
 
وارتكب الأخفّ من ضرين
وخيـّرنْ لدى استــوا هذين
كمن على الجريح في الجرحى سقط
وضعف المكث عليه من ضبط
 
وهذا كما ذكر الذهبي عن ميمون بن مهران ، سمعت عمر بن عبد العزيز يقول : ( لو أقمت فيكم خمسين عاما ما استكملت فيكم العدل ، إني لأريد الأمر من أمر العامة ، فأخاف ألا تحمله قلوبهم ، فأخرج معه طمعا من طمع الدنيا ، فإن أنكرت قلوبهم هذا ، سكنت إلى هذا ) تاريخ الذهبي 4/170
 
وفي البداية والنهاية ( وإني لأريد الأمر ، فما أنفذه إلا مع طمع من الدنيا ، حتى تسكن قلوبهم ) 9/200
 
وورد عنه أنه قال : ( ما طاوعني الناس على ماأردت من الحق، حتى بسطت لهم من الدنيا شيئاً) حليـة الأولياء 5/290
 
وقال لإبنه أيضا : (  إنّ قومك قد شدّوا وهذا الأمر عقدة عقدة، وعروة عروة، ومتى أريد مكابرتهم على انتزاعما في أيديهم ، لم آمن أن يفتقوا على فتقاً تكثر فيه الدماء، والله لزوال الدنيا أهون علي ، من أن يراق في سببي محجمة من دم ،  أو ما ترضي أن لا يأتي على أبيك يوم من أيام الدنيا إلا وهو يميت فيه بدعة ، ويحيي فيه سنة ، حتى يحكم الله بيننا ، وبين قومنا بالحق وهو خيرالحاكمين )حلية الأولياء 5/282، وصفة الصفوة لابن الجوزي 2/128
 
ولا ريب أنّ إصلاح العوائد المخالفة للشرع ، بالتدريج شيئاً فشيئاً ، مع مفسدة بقاء المظالم بأيدي أصحابها حينـاً من الوقت ، خير من ترك الإصلاح كلّه ، أو الوقوع في فتنة يعقبها فساد كلّ شيء.

وأما العمل بالأرجح عند تعارض المصالح مع المفاسد ، فقد يكون التعجل في التطبيق مفسدته راجحة على مصلحة التدرج ، فيجب سلوك الأرجح.
 
كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( وقولي عند عدم المعارض الراجح فإنه قــد لا يترك الحرام البيـِّن ، أوالمشتبه ، إلاَّ عند ترك ما هو حسنة موقعها في الشريعة ، أعظم من تلك السيئة ،مثل من يترك الائتمام بالإمام الفاسق فيترك الجمعة ، والجماعة والحج ، والغزو ـ يعني وحينئذ فلا يترك هذا الحرام بل يفعل ـ  وكذلك قد لا يؤدّي الواجب البيـّن ،  أو المشتبه ، إلاَّ بفعل سيئة أعظم إثمـا منتركه ، مثل من لا يمكنه أداء الواجبات من الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكرلذوي السلطان ، إلاَّ بقتال فيـه من الفساد  أعظم من فساد ظلمه ) ويعني أنه لايفعل هذا الواجب بل يتـرك في هذه الحالة.
 
فإذا نظر الحاكـم إلى مآلات الأمور ، وثمارها ، وتبين له أنَّ المصلحة في التدرج أرجح من مفسدة التأجيل ، جاز له فعل ما ترجحت مصلحته .
 
قال العلامة عبدالرحمن السعدي : ( ومما يؤيد ذلك ما قاله غيرواحد من أهل العلم ، منهم شيخ الإسلام بن تيمية وابن القيم أنه إذا أشكل عليك شيء ، هل هو حلالٌ أم حرام ، أو مأمور به أو منهي عنه ؟ فانظر إلى أسبابه الموجبة ، وآثاره ، ونتائجه الحاصلة ، فإذا كانت منافع ، ومصالح ، وخيرات ، وثمراتها طيبة ، كان من قسم المباح ، أو المأمور به ، وإذا كان بالعكس ،كانت بعكس ذلك ، طبق هذه المسألة على هذا الأصل ، وأنظر أسبابها وثمراتها ، تجدها أسبابا لا محذور فيها ، وثمراتها خير الثمرات).
 
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، نعم المولى ، ونعـم النصيــر.
 

اعلانات

 لقاء الشيخ حامد العلي ببرنامج ساعة ونصف على قناة اليوم 28 نوفمبر 2013م ـ تجديد الرابـط .. حلقة الشريعة والحياة عن نظام الحكم الإسلامي بتاريخ 4 نوفمبر 2012م
 خطبة الجمعة بالجامع الكبير بقطر جامع الإمام محمد بن عبدالوهاب بتاريخ 8 ربيع الآخر 1433هـ 2 مارس 2012م ... كتاب حصاد الثورات للشيخ حامد العلي يصل لبابك في أي مكان في العالم عبـر شركة التواصل هنا الرابط
 كلمة الشيخ حامد العلي في مظاهرة التضامن مع حمص بعد المجزرة التي ارتقى فيها أكثر من 400 شهيد 13 ربيع الأول 1433هـ ، 5 فبراير 2012م
 لقاء قناة الحوار مع الشيخ حامد العلي عن الثورات العربية
 أفلام مظاهرات الجمعة العظيمة والضحايا والشهداء وكل ما عله علاقة بذلك اليوم

جديد المقالات

 بيان في حكم الشريعة بخصوص الحصار الجائر على قطـر
 الرد على تعزية القسـام لزمرة النفاق والإجرام
 الدروس الوافيـة ، من معركة اللجان الخاوية
 الرد على خالد الشايع فيما زعمه من بطلان شرعية الثورة السورية المباركة !!
 خطبة عيد الأضحى لعام 1434هـ

جديد الفتاوى

 شيخ ما رأيك بفتوى الذي استدل بقوله تعالى" فلا كيل لكم عندي ولا تقربون " على جواز حصار قطر ؟!!
 فضيلة الشيخ ما قولكم في مفشّـر الأحلام الذي قال إن الثوب الإماراتي من السنة و الثوب الكويتي ليس من السنة ، بناء على حديث ورد ( وعليه ثاب قطرية ) وفسرها بأنه التفصيل الإماراتي الذي بدون رقبة للثوب !!
 أحكام صدقة الفطر
 أحكام الأضحية ؟
 بمناسبة ضرب الأمن للمتظاهرين السلميين في الكويت ! التعليق على فتوى الشيخ العلامة بن باز رحمه الله في تحريم ضرب الأمن للناس .

جديد الصوتيات

 محاضرة الشيخ حامد العلي التي ألقاها في جمعية الإصلاح ـ الرقة عن دور العلماء كاملة
 محاضرة قادسية الشام
 محاضرة البيان الوافي للعبر من نهاية القذافي
 نظم الدرر السنية في مجمل العقائد السنية للشيخ حامد العلي الجزء الأول والثاني
 إلى أم حمزة الخطيب الطفل الشهيد الذي قتله كلاب الطاغية بشار بعد التعذيب

جديد الأدب

 فتح غريان
 مرثية محمد الأمين ولد الحسن
 مرثية الشيخ حامد العلي في المجاهد الصابر مهدي عاكف رحمن الله الشهيد إن شاء الله المقتول ظلما في سجون سيسي فرعون مصر قاتله الله
 قصيدة ذكرى الإنتصار على الإنقلاب في تركيا
 قصيدة صمود قطـر


عدد الزوار: 46703370