السائل: سائل التاريخ: 13/12/2006 عدد القراء: 7646 السؤال: الفرق بين النبي والرسول؟
جواب الشيخ: السؤال:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
فضيلة الشيخ بارك الله فيكم
أريد أن اعرف الفرق بين النبي و الرسول
و إن كان النبي أوحى إليه شرع و العمل به
و لم يأمر بتبليغه هل معنى ذلك أنه في هذه الحالة يكون النبي الوحيد في قومه
المتبع إلى شريعة جديدة و لوحده ؟
2_ لم افهم قول بعض العلماء شرع من قبلنا
إن لم يكن يخالف شرعنا يكون شرع لنا ؟
كيف ذلك؟
و جزاكم الله خيراً و رفع قدركم
***************
جواب الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
القول بأن النبي هومن اوحي إليه بشرع ، ولم يُؤمر بتبليغه خطأ شائع ،
والصحيح أن النبي هو من يوحى الله تعالى إليه ، فيبلغ ويعلم قومه ما أوحي إليه ،
فان أرسله الله تعالى إلى من خالف أمر الله ، ليبلغهم رسالة الله تعالى ، ارتقى وصار رسولا .
فالأنبياء فيمن قبلنا ، مثل العلماء الربانيين العاملين في امتنا ، لكن أولئك أنبياء ، وهؤلاء علماء ، وشتان بين الأنبياء والعلماء ، فالأنبياء ينزل عليهم العلم بالوحي ، والأمر والنهي ، فيقومون في أمتهم بالقسط،
ولما أكمل الله تعالى لهذه الأمة الوحي بالقرآن العظيم ، استعمل العلماء في هذه الأمة قوامين بالقسط ، وشهداء على الناس ، كما استعمل الأنبياء فيمن قبلنا .
وإ المقصود أن الله تعالى كان يجعل الأنبياء فيهم يعلمونهم ويرشدونهم ، وكان الوحي ينزل من السماء متتابعا ، كلما هلك نبي بعث الله نبيا في نفس الأمة ،
ولهذا وصف الله بني إسرائيل بقتل الأنبياء، كما يحصل قتل الربانيين بسبب حكام الجور ، وبسبب حض علماء السوء على قتل العلماء الربانيين ،في أمتنا .
أما الرسل فهم الذين يرسلهم الله تعالى إلى من خالفوا أمر الله ، يبلغون رسالة الله تعالى ، ويواجهونهم بالتحدي ، ولما كانت مهمتهم أشق ، ارتقوا وصاروا رسلا .
فهذا هوا لفرق بني النبي والرسول، وبهذا يعلم أن كل رسول نبي ، وليس كل نبي رسول ,
فان قيل فقد قال تعالى ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ) ، فذكر إرسال النبي أيضا ، فلماذا لايكون النبي والرسول بمعنى واحد ، فالجواب : إن لقب الرسول المطلق ، يختلف عن مطلق الإرسال ، بمعنى البعث ،
وننقل هنا كلاما مهما يفصل هذه المسألة من كلام شيخ الإسلام ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب النبوات :
( فالنبي : هو الذي ينبئه الله ، وهو ينبئ بما أنبأ الله به ،
فان أرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه، فهو رسول.
وأما إذا كان إنما يعمل بالشريعة قبله ، ولم يرسل هو إلى أحد يبلغه عن الله رسالة ، فهو نبي وليس برسول قال تعالى {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا اذا تمنى ألقي الشيطان في أمنيته} .
وقوله { من رسول ولا نبي }
فذكر إرسالا يعم النوعين ،
وقد خص أحدهما بأنه رسول ، فان هذا هو الرسول المطلق الذي أمره بتبليغ رسالته إلى من خالف الله كنوح ، وقد ثبت في الصحيح أنه أول رسول بعث إلى أهل الأرض ، وقد كان قبله أنبياء ، كشيت وإدريس.
وقبلهما آدم ، كان نبيا مكلما.
قال ابن عباس كان بين آدم ونوح عشرة قرون ، كلهم على الإسلام.
فأولئك الأنبياء يأتيهم وحي من الله بما يفعلونه ، ويأمرون به المؤمنين الذين عندهم ، لكونهم مؤمنين بهم ، كما يكون أهل الشريعة الواحدة يقبلون ما يبلغه العلماء عن الرسول.
وكذلك أنبياء بني إسرائيل يأمرون بشريعة التوراة ، وقد يوحى إلى أحدهم وحي خاص في قصة معينة ، ولكن كانوا في شرع التوراة ، كالعالم الذي يفهمه الله في قضية معنى يطابق القرآن ، كما فهم الله سليمان حكم القضية التي حكم فيها هو وداود.
فالأنبياء ينبئهم الله ، فيخبرهم بأمره ، وبنهيه ، وخبره ، وهم ينبئون المؤمنين بهم ، ما أنبأهم الله به من الخبر، والأمر ، والنهي ،
فإن أرسلوا الى كفار يدعونهم الى توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له ولا بد أن يكذب الرسل قوم قال تعالى { كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول الا قالوا ساحر أو مجنون }
وقال { ما يقال لك الا ما قد قيل للرسل من قبلك}
فان الرسل ترسل الى مخالفين ، فيكذبهم بعضهم {وقال وما أرسلنا من قبلم إلا رجالا نوحي اليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون ، حتى اذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجى من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين }
وقال : { انا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد}
فقوله { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } دليل على أن النبي مرسل ، ولا يسمى رسولا عند الإطلاق ، لانه لم يرسل إلى قوم بما لا يعرفونه ، بل كان يأمر المؤمنين بما يعرفونه أنه حق ، كالعلم .
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم العلماء ورثة الأنبياء ، وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة ،
فان يوسف كان رسولا وكان على ملة ابراهيم ، وداود، وسليمان ، كانا رسولين وكانا على شريعة التوراة ، قال تعالى عن مؤمن آل فرعون : { ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى اذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا }
وقال تعالى { انا أوحينا اليك كما أوحينا الى نوح والنبيين من بعده وأوحينا الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمانوآتينا داود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما }
والإرسال اسم عام يتناول إرسال الملائكة وإرسال الرياح وإرسال الشياطين وإرسال النار قال تعالى : {يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس }
وقال تعالى { جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة } ، فهنا جعل الملائكة كلهم رسلا ، والملك في اللغة هو حامل الألوكة، وهي الرسالة .
وقد قال في موضع : {آخر الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس}
فهؤلاء الذين يرسلهم بالوحي كما قال { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء }
وقال تعالى { وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته }
وقال تعالى { إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين توزهم أزا }
لكن الرسول المضاف الى الله ، اذا قيل رسول الله ، فهم من يأتي برسالة الله من الملائكة والبشر.
كما قال الله { يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس}
وقالت الملائكة { يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا اليك }
وأما عموم الملائكة ، والرياح والجن ، فإن الله إرسالها ، لتفعل فعلا ، لا لتبلغ رسالة ، قال تعالى { اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا }
فرسل الله الذين يبلغون عن الله أمره ، ونهيه ، هم رسل الله عند الإطلاق ،وأما من أرسله الله ليفعل فعلا بمشيئة الله، وقدرته ، فهذا عام ، يتناول كل الخلق .
كما أنهم كلهم يفعلون بمشيئته ، وإذنه المتضمن لمشيئته
لكن أهل الإيمان يفعلون بأمره ما يحبه ، ويرضاه ، ويعبدونه وحده، ويطيعون رسله .
والشياطين يفعلون بأهوائهم ، وهم عاصون لأمره ، متبعون لما يسخطه ، وان كانوا يفعلون بمشيئته وقدرته ، وهذا كلفظ البعث يتناول البعث الشرعي.
كما قال {هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم }
ويتناول البعث العام الكوني كقوله : { فاذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار }
وقال تعالى : { واذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب }
فالعام بحكم مشيئته وقدرته والخاص هو أيضا بحكم مشيئته وقدرته) أنتهى .
أما شرع من قبلنا ، فهو شرع لنا ، بشرط أن يكون طريق معرفة أنه كان شريعة لهم ، من شريعتنا ، أي بنصوصنا ، لأن كتبهم محرفة .
والشرط الآخر أن لايكون في شريعتنا ما يخالفه ، لانه قد يكون نسخ في شريعتنا ، وشريعتنا ناسخة لكل شريعة قبلها ، ولايقبل الله دينا سوى الإسلام ،ولاشريعة سوى شريعتنا بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم .
مثاله : تحريم كل ذي ظفر على من قبلنا ، أي مثل البعير ، وكل ما ليس منفرج الأصابع ، ثم أبيح لنا أكل لحوم الإبل ، فلايكون ذلك التحريم ، شرعا لنا .
أما ما جاء في الكتاب والسنة ، عمن قبلنا ، أنه كان شريعة لهم ، ولم يأت في شريعتنا مخالف ينسخه ، فانه شريعة لنا أيضا ، كما قال تعالى : (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ ) . هذا أصح قولي العلماء ، ولهذا استنبط العلماء كثيرا من أحكام القرآن من قصص الماضين فيه ، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
|