|
مميز: لقد قامت إدارة تويتر (X) بإيقاف حساب الشيخ في تويتر hamed_alali
وهذا عنوان حسابه الجديد
hamedalalinew |
|
السائل: سائل التاريخ: 13/12/2006 عدد القراء: 7437 السؤال: التوسل وطلب الشفاعة من الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
جواب الشيخ: السؤال:
سمعت بعض أهل التصوف يقول : إن التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم لم يحرمه إلا ابن تيمية وابن عبدالوهاب ، وما حكم من يتوسل بجاه الصالحين ، وما حكم أن نوجه دعاءنا في صلاتنا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليشفع لنا يوم القيامة ؟؟
*********************
جواب الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ
ليس بصحيح أن تحريم التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل به إلا شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله ، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، بل الصحيح أنه لم ينقل عن أحد من الصحابة والتابعين وأئمة العلم المشهورين في عصر السلف جوازه أصلا ، وإنما كثر هذا في المتأخرين .
ـــــــــــــــــ
أما المتقدمون فلم يعرف عن أحد منهم أنه أجاز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم إلا ما أفتى به الإمام العز بن عبد السلام رحمه الله ، مع انه حرّم التوسّل بغيره صلى الله عليه وسلم ، ومع ذلك فالذين يجيزون التوسل بالصالحين ، يخالفون ما أفتى به رحمه الله تعالى ، ويجعلون التوسل بالصالحين كله من أفضل القربات ، وبعضهم يرى أن الدعاء إذا خلا من ذلك ، فهو ناقص حريّ أن يُُـرد .
ـــــــــــــــ
مع أنه من المعلوم أن عامة أدعية المرسلين والملائكة والمؤمنين في القرآن الكريم ، وأدعية النبي صلى الله عليه وسلم المأثورة الصحيحة في الصحيحين وكتب السنة المشهورة ، ليس في شيء منها توسل بالصالحين ، وإنما فيها التوسل بصفات الله تعالى وأسماءه الحسنى .
ــــــــــــــــ
وقد ورد ما يدل على جواز التوسل بالأعمال الصالحة ، كما في حديث الثلاثة الذين دخلوا الغار فانسد عليهم ، كما ورد ما يدل على جواز طلب الدعاء من الرجل الصالح ، فيتوسل بدعاءه ، لا بذاته ، لان دعاء الرجل الصالح أقرب إلى الإجابة ، كما توسل الصحابة بدعاء العباس رضي الله عنه في الاستسقاء .
ـــــــــــــــ
هذا وقد قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله مبينا أن القول بجواز التوسل بذوات الأنبياء والصالحين يخالف ما عليه عامة العلماء : ( وما زلت أبحث وأكشف ما أمكنني من كلام السلف ، والائمة والعلماء ، هل جوز أحد منهم التوسل بالصالحين في الدعاء أو فعل ذلك أحد منهم فما وجدته ؟ ثم وقعت على فتيا للفقيه أبي محمد ابن عبد السلام أفتى بأنه لا يجوز التوسل بغير النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فيجوز التوسل به إن صح الحديث في ذلك انتهى المقصود نقله من كلامه
ــــــــــــــــــ
كما ذكر ابن القيم رحمه الله عن أبي الحسين القدوري نحو ذلك ، فقال رحمه الله تعالى : قال القدوري قال بشر بن الوليد : سمعت أبا يوسف قال : قال أبو حنيفة : لا ينبغي لاحد أن يدعو الله إلا به وأكره أن يقول بمعقد العز من عرشك ، أو يقول بحق خلقك ، وقال أبو يوسف : بمعقد العز من عرشك هو الله ، فلا أكره ذلك ، وأكره بحق فلان ، أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت ، والمشعر الحرام ، قال القدوري : المسألة بخلقه لاتجوز ، لانه لاحق لمخلوق على الخالق ، فلا تجوز وفاقا ، وقال البلدجي في شرح المختارة ، ويكره أن يدعو الله إلا به فلا يقول : اسألك بفلان وبملائكتك ، أو أنبيائك أو نحو ذلك ، لانه لاحق لمخلوق على الخالق انتهى .
ـــــــــــــــ
وقال ابن القيم رحمه الله في كتابه ( إغاثة اللهفان في مكايد الشيطان ) ، وهذه الأمور المبتدعة عند القبور أنواع :
أبعدها عن الشرع أن يسأل الله الميت حاجته ، كما يفعله كثير ، وهؤلاء من جنس عباد الأصنام ، ولهذا قد يتمثل لهم الشيطان في صورة الميت ، كما يتمثل لعباد الأصنام ، وكذلك في السجود للقبر وتقبيله والتمسح به .
النوع الثاني : أن يسأل الله به ، وهذا يفعله كثير من المتأخرين وهو بدعة إجماعا .
النوع الثالث : أن يظن الدعاء عنده مستجابا أو أنه أفضل من الدعاء في المسجد فيقصد القبر لذلك ، فهذا أيضا من المنكر إجماعا ، وما علمت فيه نزاعا بين أئمة الدين ، وإن كان كثير من المتأخرين يفعله .
وبالجملة فأكثر أهل الأرض مفتونون بعبادة الأصنام ، ولم يتخلص منه إلا الحنفاء أتباع ملة إبراهيم ، وعبادتها في الأرض قبل نوح .
وهي كلها ، ووقوفها ، وسدنتها ، وحجابها ، والكتب المصنفة في عبادتها ، قد طبقت الأرض ، قال إمام الحنفاء ( واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ، رب أنهن أضللن كثيرا من الناس ) .
وكفى في معرفة أنهم أكثر أهل الأرض ، ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ( إن بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون ) وقد قال تعال ( فأبى أكثر الناس إلا نفورا ) وقال ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) .
ولو لم تكن الفتنة بعبادة الأصنام عظيمة لما أقدم عبادها على بذل نفوسهم وأموالهم وأبنائهم دونها ، وهم يشاهدون مصارع إخوانهم ، وما حل بهم ولا يزيدهم ذلك إلا حبا لها وتعظيما ، ويوصى بعضهم بعضها ، بالصبر عليها ) انتهى كلامه رحمه الله .
ــــــــــــــ
وتأمل كيف حكى الإجماع ـ مع سعة إطلاعه في المذاهب والأقوال ـ على أن التوسل إلى الله بصاحب القبر بدعة إجماعا ، ولو كان ذلك محكيا عن أئمة المذاهب وفقهاء الأمصار لما خفي على مثل هذا الإمام
وأما التوجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في طلب الشفاعة في دعاءنا في الدنيا ، فهو محرم ومن الشرك في الدعاء .
قال الإمام عبد الرحمن بن حسن رحمه الله ردا على البوصيري في توجيه دعاءه للنبي صلى الله عليه وسلم طالبا الشفاعة منه لا من الله تعالى في قصيدته الشركية المشهورة :
قال : هذا هو الذي ذكره الله عن المشركين من اتخاذ الشفعاء ليشفعوا لهم ، ويقربوهم إلى الله زلفى ، قال الله تعالى ( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين ألا لله الدين الخالص ) فهذا هو دين الله الذي لا يقبل الله من أحد دينا سواه ، ثم ذكر بعد ذلك دين المشركين فقال : ( والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون ، إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ) ، فتأمل كون الله تعالى كفرهم بقولهم ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) وقال في آخر هذه السورة ( أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون ، قل لله الشفاعة جميعا ) قلت وقد وقع من هؤلاء اتخاذهم شفعاء بدعائهم وطلبهم ورغبتهم والالتجاء إليهم وهم أموات غافلون لا يقدرون ولا يسمعون لما طلبوه منهم وأرادوه .
وقد اخبر الله تعالى أن الشفاعة ملكه لا ينالها من أشرك به غيره ، وهو الذي له ملك السموات والأرض ، كما قال تعالى ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ، وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء ، وكانوا بعبادتهم كافرين ) فعاملهم الله بنقيض قصدهم من جميع الوجوه ، وأسجل عليهم الضلال ، ولهذا الآية نظائر كثيرة ، كقوله ( ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ، إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ، ولو سمعوا ما استجابوا لكم ، ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ) .
فبين أن دعوتهم غير الله تعالى شرك بالله ، وأن المدعو غيره لا يملك شيئا ، وأنه يسمع دعاء الداعي ولا يستجيب له ، وان المدعو ينكر ذلك الشرك ، ويتبرأ منه ، ومن صاحبه يوم القيامة .
ومما يشبه هذه الآية في حرمان من انزل حوائجه بغير الله ، واتخذه شفيعا من دون الله بتوجيه قلبه وقالبه إليه واعتماده في حصول الشفاعة عليه قول الله تعالى ( ويبعدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات والأرض سبحانه وتعالى عما يشركون ) .
فأنظر كيف حرمهم الله الشفاعة لما طلبوها من غير الله ؟ وأخبر أن حصولها مستحيل في حقهم بطلبها في دار العمل من غيره ، وهذه هي الشفاعة التي نفاها القرآن كما قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لابيع فيه ولا خلة ولا شفاعة ) وقال : ( وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع ) فهذه الشفاعة المنفية هي التي فيها الشرك .
وأما الشفاعة التي أثبتها القرآن ، فإنما ثبتت بقيدين إذن الرب تعالى للشفيع ، ورضاه عن المشفوع له ، وهو لا يرضى من الأديان الستة المذكورة في قوله تعالى ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا الآية) إلا الإيمان الذي أصله وأساسه التوحيد والإخلاص ، كما قال تعالى ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) وقال تعالى ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ) ، وقال ( وكم من ملك في السموات لاتغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ) وقال تعالى ( إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض ..إلى أن قوله ( وما من شفيع إلا من بعد إذنه) وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر شفاعته قال : وهي نائلة إن شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئا وقال أبو هريرة من أحق الناس بشفاعتك يوم القيامة ؟ قال : من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه ، قال شيخ الإسلام في هذا الحديث : فتلك الشفاعة لأهل الإخلاص ، بإذن الله ولاتكون لمن أشرك بالله ) الدرر السنية 9/52
|
|
|