السائل: سائل التاريخ: 13/12/2006 عدد القراء: 7108 السؤال: الصلاة خارج المسجد يسمع التكبير ولايرى الصفوف ، وشبهة في التوسل؟
جواب الشيخ: السؤال:
السلام عليكم و رحمة الله
لقد أرسلت لفضيلتكم عدة أسئلة و يبدو ان الرسالة
لم تصل .
1- كان المسجد مزدحما فصلينا في الشارع وراء المسجد , و كنا نسمع صوت الإمام جيدا
و لكننا لم نكن نراه و لا نري أيا من المصلين خلفه فهل صلاتنا هكذا صحيحة ؟
2- أخ يقول , في حديث الأعمي الذي توسل بالنبي صلي الله عليه و سلم لكي يرد الله عليه بصره , يقول لقد قالها النبي صلي الله عليه و سلم
صريحة للأعمي " اللهم اني أتوجه الي بنبيك"
فكيف يتجرأ أحد أن يقول لا , المقصود بدعاء نبيك
و ليس بنبيك , كيف هذه الجرأة علي تغيير كلام النبي صلي الله عليه وسلم و قد قالها صريحة واضحة " بنبيك"
جزاكم الله خيرا
***********************
جواب الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : أما السؤال الاول : فصلاتكم صحيحة إن شاء الله . قال ابن قدامة رحمه الله في المغني : (إن كان بين الامام والمأموم حائل يمنع رؤية الامام او من وراءه ، قال ابن حامد فيه روايتان : أحداهما لايصح الائتمام به ، اختاره القاضي ... الثانية يصح ، قال احمد : في رجل يصلي خارج المسجد يوم الجمعة ، وأبواب المسجد مغلقة : أرجو أن لايكون به بأس ، وسئل عن رجل يصلي يوم الجمعة وبينه وبين الامام سترة ، قال : إذا لم يقدر على غير ذلك ـ أي يصح ـ ... ولان المشاهدة تراد للعلم بحال الامام ، والعلم يحصل بسماع التكبير فجرى مجرى الرؤية ، ولافرق بين أن يكون المأموم في المسجد أو غيره ، واختار القاضي ، أنه يصح إذا كان في المسجد ، ولايصح في غيره لان المسجد محل الجماعة وفي مظنة القرب ، ولايصح في غيره لعدم هذا المعنى .. ولنا : أن المعنى المجوز أو المانع قد استويا ، فوجب استواؤهما في الحكم ، ولابد لمن لايشاهد أن يسمع التكبير ليمكنه الاقتداء فإن لم يسمع ، لم يصح ائتمامه به بحال ، لانه لايمكنه الاقتداء به ) المغني 2/208 ـــــــــــــــــــــــــ أما قول القائل إن حديث الاعمى يدل على جواز التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم لان فيه ( أتوجه إليك بنبيك )
فالجواب على ذلك فيما ذكره شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله قال : وحديث الأعمى الذي رواه الترمذي والنسائي هو من القسم الثاني من التوسل بدعائه فإن { الأعمى قد طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له بأن يرد الله عليه بصره . فقال له إن شئت صبرت وإن شئت دعوت لك فقال . بل ادعه فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين ويقول : اللهم إني أسألك بنبيك نبي الرحمة .. الحديث } فهذا توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا قال في الحديث : " وشفعه في " فسأل الله أن يقبل شفاعة رسوله فيه وهو دعاؤه . وهذا الحديث ذكره العلماء في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه المستجاب وما أظهر الله ببركة دعائه من الخوارق والإبراء من العاهات فإنه صلى الله عليه وسلم ببركة دعائه لهذا الأعمى أعاد الله عليه بصره . أهـ
ـــــــــــــــ
وهذا واضح يدل عليه سياق الحديث ، ولو كان التوسل إنما هو بذات النبي صلى الله عليه وسلم فحسب ، لكان ذلك يحصل لكل أعمى بتوسل بذاته ، في حياته صلى الله عليه وسلم وفي حضوره ، وفي غيابه ، وبعد موته ، في كل زمان ، لان ذاته هي ذاته ، لم تتغير ، فهو حي عند ربه ، حتى جسده الشريف صلى الله عليه وسلم لم يبل , ولايبلى .
فلما علمنا أن هذا الدعاء لايحصل به رد البصر لكل أحد يتوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم ، تقينا أن ذلك حصل لذلك الاعمى ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، لابمجرد التوسل بذاته .
ـــــــــــــــ
ويدل على ذلك أن الصحابة لما أقحطوا في زمن عمر رضي الله عنه ،استسقوا بدعاء العباس ، ولو كان التوسل بذات النبي صلى الله عليه مشروعا ، لما عدلوا عن ذلك إلى الطلب من العباس أن يدعو .
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله : ( ؛ بل قد ثبت في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب استسقى بالعباس - عم النبي صلى الله عليه وسلم - وقال : اللهم إنا كنا نستسقي إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون . فاستسقوا بالعباس كما كانوا يستسقون بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه عم النبي صلى الله عليه وسلم . وما كانوا يستسقون عند قبره ولا يدعون عنده ؛ بل قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحاح أنه قال : { لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد } يحذر ما فعلوا وقال قبل أن يموت بخمس : { إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد ؛ فإني أنهاكم عن ذلك } وفي السنن عنه صلى الله عليه وسلم قال : { لعن الله زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج } . فإذا كان قد حرم اتخاذها مساجد والإيقاد عليها علم أنه لم يجعلها محلا للعبادة لله والدعاء . وإنما سن لمن زار القبور أن يسلم على الميت ويدعو له كما سن أن يصلي عليه قبل دفنه ويدعو له . فالمقصود بما سنه صلى الله عليه وسلم الدعاء للميت لا دعاؤه . والله أعلم ) .
وبهذا يعلم أن المقصود بقوله بنبيك ، هو نفس قول عمر رضي الله عنه ، بعم نبيك في خبر الاستسفاء الانف الذكر ، اي بدعاءه ، ومعلوم أن الاستشفاع بدعاء الحي القادر على الدعاء ، لا إشكال فيه.
ـــــــــــــــــ
ولهذا لايعرف عن أحد من الصحابة ولا التابعين ولا احد من الائمة المشهورين ، ولم تنقل كتب الحديث عن أحد منهم ، أنه كان يتوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يعرف هذا عن احد من المتقدمين إلا العز بن عبدالسلام فاجاز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، دون سائر الانبياء والمرسلين ، مع أن العز متأخر عن قرون السلف ، وإنما كثرة هذه البدع في المتأخرين ، لما بعدوا عن آثار النبوة ، وسير القرون المفضلة القريبة من أنوار الوحي .
ــــــــــــــ
والحاصل أن المعترض هو الذي حرف الحديث ، ففيه ( إن شئت دعوت لك وإن شئت صبرت فقال بل ادعه ) ، فحرفه المعترض إلى أنه توسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم وليس بدعاءه والله أعلم .
|